عن أبى هريرة رضي الله عنه قال:
أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم بثلاث:
"بصيام ثلاثة أيام في كل شهر وركعتي الضحى وأن أوتر قبل أن أنام "
رواه البخاري ومسلم
هو أن يصلي المسلم آخر ما يصلي من نافلة الليل بعد صلاة العشاء، ركعة تسمى الوتر؛ لقول الرسول صلى الله عليه وسلم:
" صلاة العشاء مثنى مثنى، فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة توتر له ما قد صلى"
(رواه البخاري).
سنة مؤكدة؛ حثَّ عليه الرسول صلى الله عليه وسلم ورغّب فيه
فعن علي رضي الله عنه أنَّه قال: إن الوتر ليس بحتم كصلاتكم المكتوبة، ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم أوتر، ثم قال:
"يا أهل القرآن أوتروا فإن الله وتر يحب الوتر
" (رواه أحمد ).
حكم تارك صلاة الوتر عند اهل العلم
واتفق المسلمون على مشروعية الوتر، فلا ينبغي تركه، ومن أصر على تركه، فإنه ترد شهادته عند بعض أهل العلم
قال الإمام أحمد:
"من ترك الوتر عمداً، فهو رجل سوء، لا ينبغي أن تقبل شهادته".
وروى أحمد وأبوداود مرفوعاً :"من لم يوتر فليس منا".
يبدأ من بعد صلاة العشاء الآخرة ويستمر إلى طلوع الفجر
ففي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها، قالت:
"من كل الليل أوتر رسول الله صلى الله عليه وسلم، من أوله، وأوسطه، وآخره، وانتهى وتره إلى السحر".
وقد وردت أحاديث كثيرة تدل على أنَّ جميع الليل وقت للوتر، إلا ما قبل صلاة العشاء
فمن كان يثق من قيامه في آخر الليل، فإنه يوتر قبل أن ينام، بهذا أوصى النبي صلى الله عليه وسلم
فقد روى مسلم من حديث جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم:
"أيكم خاف ألا يقوم من آخر الليل، فليوتر ثم ليرقد، ومن وثق بقيامه من آخر الليل، فليوتره من آخره، فإنَّ قراءة آخر الليل مشهودة، وذلك أفضل".
اجماع العلماء على وقت الوتر
وقد أجمع العلماء على أنَّ وقت الوتر لا يدخل إلا بعد صلاة العشاء، وأنَّه يمتد إلى الفجر
عن أبي تميم الجيشاني رضي الله عنه أن عمرو بن العاص خطب الناس يوم الجمعة فقال:
إن أبا بصرة حدثني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
"إن الله زادكم صلاة، وهي الوتر، فصلوها فيما بين صلاة العشاء إلى صلاة الفجر"
قال أبوتميم:
فأخذ بيدي أبو ذر فسار في المسجد إلى أبي بصرة رضي الله عنه فقال:
أنت سمعت رسول الله يقول ما قال عمرو؟
قال أبو بصرة:
أنا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم"
(رواه أحمد بإسناد صحيح).
ما يسن قبله
من السنة أن يصلى قبل الوتر ركعتان فأكثر إلى عشر ركعات، ثم يصلى الوتر لثبوت ذلك من فعله صلى الله عليه وسلم
عدد ركعات الوتر
أقل الوتر ركعة واحدة؛ لورود الأحاديث بذلك، وثبوته عن عشرة من الصحابة رضي الله عنهم، لكن الأفضل والأحسن أن تكون مسبوقة بالشفع.
وأكثر الوتر إحدى عشرة ركعة، أو ثلاث عشرة ركعة
يصليها ركعتين ركعتين، ثم يوتر منها بواحدة" (كما رواه مسلم)، وفي لفظ: "يسلم بين كل ركعتين ويوتر بواحدة".
وله أن يوتر بثلاث ركعات، يصلي ركعتين ويسلم، ثم يصلي الركعة الثالثة وحدها
ويستحب أن يقرأ في الأولى بـ (الاعلى) وفي الثانية: بـ (قل يا أيها الكافرون)، وفي الثالثة بـ(قل هو الله أحد).
ومن الممكن أن توتر:
بإحدى عشرة ركعة، أو ثلاث عشرة، أو بتسع ركعات، أو بسبع ركعات، أو بخمس ركعات، أو بثلاث ركعات، أو بركعة واحدة
فأعلى الكمال إحدى عشرة ركعة(أو ثلاث عشرة ركعة)
وأدنى الكمال ثلاث ركعات، والمجزئ ركعة واحدة.
يشرع القنوت في الوتر في جميع السنة؛ لما رواه أحمد وأهل السنن وغيرهم من حديث الحسن بن علي رضي الله عنهما قال:
علَّمني رسول الله صلى الله عليه وسلم كلمات أقولهن في الوتر:
"اللهم اهدني فيمن هديت وعافني فيمن عافيت..."إلخ الدعاء الوارد
قال الترمذي:
هذا حديث حسن.
قال: ولا يعرف عن النبي صلى الله عليه وسلم في القنوت شيء أحسن من هذا.
وقال النووي: إسناده صحيح.
يستحب أن يقول المصلي بعد السلام من الوتر:
"سبحان الملك القدوس"
ثلاث مرات يرفع صوته بالثالثة ثم يقول:
"رب الملائكة والروح
لما رواه أبوداود والنسائي من حديث أبي بن كعب.
كما يستحب أن يدعو بما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول في آخر وتره:
"اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك، وأعوذ بمعافاتك من عقوبتك، وأعوذ بك منك، لا أحصي ثناء عليك، أنت كما أثنيت على نفسك"
(رواه أحمد وأصحاب السنن عن علي رضي الله عنه).
لا وتران في ليلة
من صلى الوتر ثم بدا له أن يصلي؛ جاز، ولكن لا يعيد الوتر؛ لما رواه أبوداود والنسائي والترمذي وحسَّنه عن علي قال:
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا وتران في ليلة".
وعن عائشة أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم كان يسلم تسليماً يسمعنا، ثمَّ يصلي ركعتين بعدما يسلم وهو قاعد"
(رواه مسلم).
وعن أم سلمة:
"أنه صلى الله عليه وسلم كان يركع ركعتين بعد الوتر وهو جالس"
(رواه أحمد وأبوداود والترمذي وغيرهم).
ذهب جمهور العلماء إلى مشروعية قضاء الوتر؛ لما رواه البيهقي وصححه على شرط الشيخين
عن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال:
"إذا أصبح أحدكم ولم يوتر فليوتر".
وروى أبوداود عن أبي سعيد الخدري أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال:
"من نام عن وتره أو نسيه فليصله إذا ذكره".
إسناده صحيح
وعند أحمد والطبراني بسند حسن:
كان الرسول صلى الله عليه وسلم يصبح فيوتر.
واختلفوا في الوقت الذي يُقضى فيه:
فعند الحنفية:
يقضى في غير أوقات النهي
وعند الشافعية:
يقضى في أي وقت من الليل أو من النهار
وعند مالك وأحمد:
يقضى بعد الفجر ما لم تصلّ الصبح
صلاة الرسول صلى الله عليه وسلم بالليل ثلاثة أنواع:
أحدها (وهو أكثرها): صلاته قائماً.
الثاني: أنَّه كان يصلي قاعداً، ويركع قاعداً.
الثالث: أنَّه كان يقرأ قاعداً، فإذا بقي يسيرُ من قراءته قام فركع قائماً، والأنواع الثلاثة صحَّت عنه.
إنَّ مثل هذه النفحات الإلهية التي تحيي الفؤاد من جديد، وتوقظ النفس من سبات عميق،
لا ينبغي لنا أن نفرِّط فيها، فهي ـ والله ـ أثمن لنا من هذه الدنيا ولو حيزت بأسرها.
هي ـ والله ـ لذة العبادة التي تغمر القلوب بالإيمان فتجعل الجوارح تتجافى عن الفرش قائمة لله عابدة له.
وصلاة الوتر من السنن التي فرط الناس فيها (إلا من رحم الله!)؛ لأننا لم ندرك حقاً قيمتها، ولم نحس بعد بعظيم أثرها، ولم ندرك أنها من نعم الله علينا،
وإلا لجاهدنا أنفسنا وبادرنا إلى فعلها، فكم نرى اليوم من المسلمين من يضيّعها، والبعض لا يعرفها إلا في رمضان، وينساها بقية العام!
وواجب على كل حريص على مرضاة الله عز وجل
أن يأخذ نفسه بالمجاهدة والمصابرة؛ حتى يتغلَّب على شيطانه وهوى نفسه، ويحظى ببركات الطاعة، وينعم بلذة العبادة:
{والذين جاهدوا فينا لنهدينَّهم سبلنا وإنَّ الله لمع المحسنين}.
لا تبدأ قيام الليل كله، أو نصفه أو ثلثه مرة واحدة، ولكن عليك بالتدرج؛ خطوة.. خطوة لأنَّ الرّسول صلى الله عليه وسلم يقول:
"إنّ هذا الدِّين متين فأوْغلوا فيه برفق".
رواه الإمام أحمد وحسّنه الألباني